الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **
عدوا من خصائص هذه الأمة السجود على الجبهة [ص 374] وكان من قبلهم يسجدون على حرف. - (حم م عن البراء) بن عازب. 677 - (إذا سرتك) أي أفرحتك وأعجبتك وأصل السرور لذة في القلب عند حصول نفع أو توقعه (حسنتك) أي عبادتك لكونك جازماً بصدق الشارع فيما جاء به عن الله تعالى من حصول الثواب عليها سميت حسنة لأن بها يحسن حال فاعلها وهي سبب إحسان الله تعالى وإضافتها له من حيث الكسب (وساءتك سيئتك) أي أحزنك ذنبك لكونك قاطعاً بصدق الشارع فيما توعد به من العقاب عليها سميت سيئة لأن بها يسوء حال فاعلها وهي سبب كل سوء - (حم حب طب ك هب والضياء عن أبي أمامة) قال قيل يا رسول الله ما الإيمان فذكره قال الحاكم على شرطهما وأقره الذهبي قال العراقي في أماليه حديث صحيح وقال الهيتمي رجال الطبراني رجال الصحيح إلا أن فيه يحيى بن أبي كثير مدلس وإن كان من رجاله ورواه الإمام أحمد أيضاً عن أبي موسى بإسناد رجاله ثقات لكن فيه انقطاع بلفظ من عمل حسنة فسر بها ومن عمل سيئة فساءته فهو مؤمن. 678 - (إذا سرتم في أرض خصبة) بكسر الخاء (فأعطوا الدواب حظها) من نبات الأرض وحظها الرعي منه (وإذا سرتم في أرض مجدبة) بدال مهملة ولم يكن معكم ولا في الطريق علف (فانجوا عليها) أي أسرعوا عليها السير لتبلغكم المنزل قبل ضعفها (وإذا عرستم فلا تعرسوا على قارعة الطريق) أعلاها أو أوسطها (فإنها مأوى كل دابة) أي مبيت كل دابة من الحشرات ونحوها التي تأوي إليها ليلاً. - (البزّار) في مسنده (عن أنس) قال الهيتمي رجاله ثقات فرمزه لحسنه تقصير وحقه الرمز لصحته. (هذا الحديث غير موجود في نسخ المتن وثبت في نسخ الشرح فتنبه) (إذا سرتم في الخصب) بالكسر (فأمكنوا الركاب) أي الإبل ومنها كل مركوب (من أسنانها) أي من أكلها بها (ولا تجاوزوا المنازل) التي أعتيد النزول فيها للاستراحة (وإذا سرتم في الجدب) أي القحط وقلة المطر (فاستجدوا) أسرعوا (وعليكم بالدلج) بضم ففتح جمع دلجة (فإن الله يطوي) أي يطويها الله (باللبل) كله أو في السحر على ما مر (وإذا تغولت الغيلان فنادوا بالأذان) المعروف فإن فيه كفاية لشرها (وإياكم والصلاة على جواد الطريق) بالتخفيف أي معظم الطريق (والبراز) أي البول والغائط (عليها) أي فيها (فإنها مأوى الحيات والسباع) فربما تؤذيكم أو تؤذوها (وإياكم وقضاء الحاجة عليها) أي الطريق المسلوك (فإنها الملاعن) جمع ملعنة كما مر. - (حم د ن ه ع وابن خزيمة والشاشي والضياء) المقدسي (عن جابر) ابن عبد الله. 679 - (إذا سرق المملوك) أي القن شيئاً قل أو كثر لك أو لغيرك (فبعه) وفي رواية لأبي نعيم إذا سرق العبد فبيعوه [ص 375] (ولو) للتقليل هنا كما في القواطع لكن قال الزركشي: الحق أن التقليل مستفاد مما بعد لو من الصيغة (بنش) بكسر الموحدة وفتح النون وشين معجمة نصف أوقية وهو عشرون درهماً كأنه سمي به لخفته وقلته من النشنشة وهي التحرك والخفة والحركة من واد واحد كذا ذكره الزمخشري جازماً ورأيت في المطامح أنه القربة البالية ولم يذكر فيه سواه ولم أر فيه سلفاً لكنه لم يذكره رجماً بالغيب وأياً مّا كان فهذا خرج مخرج التقليل والترهيب في القن السارق فكأنه قال لا تمسكه عندك ولا تتركه في بيتك بل بعه بما تيسر وإن كان تافهاً جداً ففيه دليل على إبعاد أهل الفساد والمعاصي واحتقارهم وأن السرقة عيب فاحش منقص للقيمة وإذا باعه وجب أن يعرف بسرقته لكونه من أقبح العيوب فلا يحل له كتمه ويظهر أن مثل البيع كل ما يزيل الملك عنه أو يحصل به مفارقته كهبته وكتابته ووقفه وعتقه لكن قد يتوقف في العتق من حيث أنه يرفع الرق عنه لكثرة إضراره للناس بالسرقة والظاهر أن المراد بالسرقة هنا معناها اللغوي وكما يطلب بيع القن إذا سرق يطلب بيعه إذا زنى لقوله من حديث مسلم إذا زنت أمة أحدكم فتبين زناها فليحدها ولا يثرب عليها أو لا يوبخ ولا يعير ولا يكثر من اللوم ثم قال إن زنت فبيعوها ولو بضفير أي بحبل مضفور فعيل بمعنى مفعول وفي رواية ولو بحبل من شعر فوصف الحبل بكونه من شعر لأنها أكثر حبالهم وهذا خارج مخرج التقليل والتزهيد كما تقرر فيما قبله فإن قيل إذا كان مقصوده إبعاد السارق والزاني وأنه يلزم البائع الإخبار بعيبه فلا ينبغي لأحد شراؤه لكونه مأموراً بإبعاده فالجواب أنه مال فلا مساغ للنهي عن إضاعة المال ولا يسيب ولا يحبس دائماً إذ كل ذلك إضاعة مال ولو سيب كان إغراء له على السرقة والزنا وتمكيناً له منها فلم يبق إلا بيعه ولعل السيد الثاني يبالغ في حفظه فيمنعه من ذلك وبالجملة فعند تبدل الأملاك تختلف الأحوال والجمهور حملوا الأمر ببيع السارق والزاني على الندب والارشاد إلا داود وأهل الظاهر فقالوا بوجوبه تمسكاً بظاهر الأمر وصرفه الجمهور عن ظاهره عملاً بالأصل الشرعي أنه لا يجبر أحد على إخراج ملكه لملك أحد بغير الشفعة فلو وجب لأجير عليه ولم يجبر عليه فلم يجب واستنبط منه بعضهم جواز البيع بالغبن لأنه بيع خطير بثمن يسير ورد بأن الغبن المختلف فيه بيع جهالة من المغبون وأما مع العلم بقدر المبيع والثمن وحالهما فلا وإنما أمر في حديث مسلم بعدم توبيخه وتعييره لأن الإكثار من ذلك يزيك الحياء والحشمة ويجرئ على ذلك الفعل ولأن العبد غالباً لا ينفعه لوم ولا توبيخ بل ربما كان إغراءاً وإنما يظهر أثره في الحر إن ظهر ألا ترى إلى قوله: واللوم للحر مقيم رادع * والعبد لا يردعه إلا العصا ولأنها عقوبة زائدة على الحد المشروع ولا يدخل فيه نحو وعظ وتخويف بعقاب الله وتهديد احتيج إليه لأنه ليس بتثريب وأفاد خبر مسلم أن للسيد أن يحده وبه قال الجمهور إلا أبا حنيفة فقال: لا يحده إلا الإمام وقال الشافعي: يقطعه في السرقة وقال مالك: أمنعه مخافة أن يمثل به قال الراغب: والسرقة أخذ ما ليس لك أخذه في خفاء ثم صار شرعاً عبارة عن أخذ شيء مخصوص من محل مخصوص وقدر مخصوص واللائق منا إرادة اللغوي. - (ه) في السرقة وكذا ابن ماجه والنسائي (عن أبي هريرة) رمز لحسنه ولعله لتقويه بتعدد طرقه وإلا ففيه عمر بن أبي سلمة قال النسائي غير قوي وفي المنار سنده ضعيف. 680 - (إذا سقى الرجل امرأته الماء) أي قام بالواجب من إحضار الماء إليها للشرب (أجر) بالبناء للمفعول أي يثيبه الله تعالى عليه وإن كان إنما أتى بواجب ونبه بذكر الماء الذي لا قيمة له غالباً أو قيمته تافهة على حصول الثواب فيما فوق ذلك من الإطعام والكسوة والإخدام بالأولى والمقصود بالحديث بيان أن نفقة الزوجة وإن كانت لازمة للذمة فله في القيام بها أجر أي إن قصد الامتثال قال الراغب: والأجر والأجرة ما يعود من ثواب العمل دنيوياً وأخروياً والأجرة في الثواب الدنيوي والأجر والأجرة يقال فيما كان عن عقد أي اعتقاد وما يجري مجراه ولا يقال إلا في نفع لا ضر نحو أجره على الله والجزاء يقال فيما كان من عقد وغيره وفي النافع والضار. - (تخ طب) من حديث خالد بن [ص 376] شريك (عن العرباض) بن سارية رمز لحسنه. 681 - (إذا سقطت) وفي رواية وقعت (لقمة أحدكم) عند إرادة أكلها قال ابن العربي: وذلك إما من منازعة الشيطان فيها حين لم يسم الله عليها أو بسبب آخر ويرجح الأول قوله الآتي ولا يدعها للشيطان إذ هو إنما يستحل الطعام إذا لم يذكر اسم الله عليه انتهى وهو صريح في أنه لم يذكر اسم الله عليه ثم سقطت لا يندب له أخذها وأكلها ويكاد يكون باطلاً لمنافرته لإطلاق الحديث بلا موجب (فليمط) بلام الأمر (ما بها من الأذى) من تراب ونحوه مما يعاف وإن تنجست طهرها إن أمكن وإلا أطعمها حيواناً (وليأكلها) أو يطعمها غيره (ولا يدعها) أي يتركها ندباً (للشيطان) إبليس أو الجنس لما فيه من إضاعة نعمة الله واحتقارها والمانع من تناول تلك اللقمة الكبر غالباً وذلك مما يحبه الشيطان ويرضاه للإنسان ويدعو إليه إلا أنه يأخذها ويأكلها ولا بد. وقوله سقطت أي من يده أو من فمه بعد وضعها فيه وذلك لما فيه من استقذار الحاضرين. قال الولي العراقي: ويتأكد ذلك بالمضغ لأنها بعد رميها على هذه الحالة لا ينتفع بها لعيافة النفوس لها (ولا يمسح يده بالمنديل حتى يلعقها) بفتح أوله يلحسها هو (أو يلعقها) بضمه أي يلسحها لغيره من إنسان لا يستقذرها كزوجة وولد وخادم أو حيوان طاهر (فإنه لا يدري في أي طعامه) تكون (البركة) أي الخير الكثير والتغذية والقوة على الطاعة أو هو فيما بقي على الأصابع أو الإناء أو في اللقمة الساقطة؟ فإن كان فيها فيفوته بفوتها خير كثير، وفيه حل التمندل بعد الطعام. قال ابن العربي: وقد كانوا يلعقون ويمسحون ثم يغسلون، وقد لا وكذا تفعل العرب لا تغسل يدها حتى تمسح. وحكمته أن الماء إذا رد على اليد قبل مسحها ترك ما عليها من زفر ودسم وزاد قذراً، وإذا مسحها لم يبق إلا أثر قليل يزيله الماء. - (حم م ن ه عن جابر) وعن أنس أيضاً. 682 - (إذا سلَّ) بالتشديد (أحدكم) أيها المؤمنون (سيفاً) أي انتزعه من غمده (لينظر إليه) أي لأجل أن ينظر إليه لشراء أو نحو تعهد. ومثل السيف ما في معناه كخنجر وسكين (فإذا أراد أن يناوله أخاه) المسلم لينظر إليه الآخر مثلاً، وذكر الأخ غالبي، فالذمي كذلك (فليغمده) ندباً: أي يدخله في قرابه قبل مناولته إياه. والغمد بالكسر جفر السيف وإغماده إدخاله فيه وذكر النظر تمثيل وتصوير، فلو سله لا لغرض فالحكم كذلك (ثم يناوله) بالجزم (إياه) ليأمن منن إصابة ذبابه له وتباعداً عن صورة الإشارة به إلى أخيه التي ورد التعديد البليغ عليها والمناولة الإعطاء. - (حم طب ك عن أبي بكرة) قال مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على قوم يتعاطون سيفاً مسلولاً فقال: لعن الله من فعل هذا أوليس قد نهيت عنه؟ ثم ذكره قال الحاكم صحيح وأقره الذهبي وقال الهيتمي: فيه عند أحمد والطبراني مبارك ابن فضالة ثقة لكنه مدلس وبقية رجاله رجال الصحيح، وقال ابن حجر في الفتح بعد عزوه لهما إسناد جيد. 683 - (إذا سلم عليكم) أيها المسلمون (أحد من أهل الكتاب) اليهود والنصارى ولفظ أهل الكتاب وإن كان أعم بحسب المفهوم من التوراة والإنجيل لكنه خص استعمال الشرع بهما لأن غير اليهود والنصارى لم يوجد زمان البعثة (فقولوا) وجوباً في الردّ عليهم (وعليكم) فقط روي بالواو وبدونها. قال القرطبي: وحذفها أوضح معنى [ص 377] وأحسن وإثباتها أصح رواية وأشهر. قال الزركشي: الرواية الصحيحة عن مالك وابن عيينة بغير واو وهي أصوب وقال النووي إثباتها أجود فمعناه بدونها: عليكم ما تستحقونه، وبها: أنهم إن لم يقصدوا دعاء علينا فهو دعاء لهم بالإسلام فإنه مناط السلامة في الدارين، وإن قصدوا التعريض بالدعاء علينا فمعناه ونقول لكم وعليكم ما تريدون بها أو تستحقونه أو ندعو عليكم بما دعوتم به علينا ولا يكون عليكم عطفاً على عليكم في كلامهم وإلا فتضمن ذلك تقرير دعائهم علينا، وإنما اختار هذه الصيغة ليكون أبعد من الإيحاش وأقرب إلى الرفق المأمور به. قال النووي: اتفقوا على الرد على أهل الكتاب بما ذكر إذا سلموا، وقال غيره: فيه أنه لا يشرع ابتداء الكافر بالسلام لأنه بين حكم الجواب ولم يذكر حكم الابتداء وأن هذا الرد خاص بالكفار فلا يجزي في الرد على مسلم لاشتهار الصيغة في الرد على غيره. وقيل بإجزائها في أصل الرد وإنما امتنع السلام على الكافر لأنه لا سلامة له، إذ هو مخزي في الدنيا بالحرب والقتل والسبي وفي الآخرة بالعذاب الأبدي. - (حم ق د ت ه عن أنس) بن مالك. 684 - (إذا سلم الإمام) من الصلاة (فردوا عليه) ندباً بأن تنووا بسلامكم الرد عليه عند الالتفات إلى جهته فإن كان عن يمين المقتدي نوى الرد بالأولى أو عن يساره فبالثانية أو خلفه فبالأولى أولى. - (ه عن سمرة) بفتح فضم ابن جندب الغطفاني الفزاري قال مغلطاي في شرح ابن ماجه حديث ضعيف في سنده ضعيفان إسماعيل بن عياش وأبو بكر الهذلي. 685 - (إذا سلمت الجمعة) أي سلم يومها من وقوع الآثام فيه وقيل صلاتها من النقص من واجباتها ومكملاتها والأول أقرب (سلمت الأيام) أي أيام الأسبوع من المؤاخذة (وإذا سلم رمضان) كذلك (سلمت السنة) كلها من المؤاخذة، فالكف عن المنهيات، والإتيان بالطاعات في جميع يوم الجمعة مكفر لما يقع في ذلك الأسبوع من المخالفات والإمساك عن المنهيات، والإكباب على الطاعات في جميع رمضان متكفل بما يكون في تلك السنة من الذنوب وذلك لأنه سبحانه جعل لأهل كل ملة يوماً يتفرغون فيه لعبادته ويتخلون عن الشغل الدنيوي فيوم الجمعة يوم عبادة هذه الأمة وهو في الأيام كرمضان في الشهور وساعة الإجابة فيه كليلة القدر في رمضان فلهذا من صح وسلم له يوم الجمعة سلمت له أيام أسبوعه كلها ومن صح وسلم له رمضان صحت له سائر سنته ومن صح له حجه سلم له عمره فيوم الجمعة ميزان الأسبوع ورمضان ميزان العام والحج ميزان العمر ومن لم يسلم له يوم الجمعة أو رمضان فقد باء بعظيم الخسران ويظهر أن المراد تكفير الصغائر فقط. - (قط في الأفراد) عن أبي محمد بن صاعد عن إبراهيم الجوهري عن عبد العزيز ابن أبان عن الثوري عن هشام عن أبيه عن عائشة قال ابن الجوزي: تفرد به عبد العزيز وهو كذاب فهو موضوع (حل عن عائشة) وقال تفرد به إبراهيم الجوهري عن أبي خالد القرشي (هب من طريق آخر) ثم قال في كلا الطريقين لا يصح وإنما يعرف من حديث عبد العزيز عن سفيان وهو ضعيف بمرة وهو عن النووي باطل لا أصل له ولما أورده ابن الجوزي في الموضوع تعقبه المؤلف بوروده من طرق ولا تخلو كلها عن كذاب أو متهم بالوضع. 686 - (إذا سمع أحدكم النداء) أي الأذان للصبح وهو يريد الصوم (والإناء) مبتدأ (على يده) خبره (فلا يضعه) نهي أو نفي بمعناه (حتى يقضي حاجته) بأن يشرب منه كفايته ما لم يتحقق طلوع الفجر أو يظنه يقرب منه وما ذكر من أن المراد به أذان الصبح هو ما جزم به الرافعي فقال: أراد أذان بلال الأول بدليل إن بلالاً يؤذن بلبل فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم وقيل المراد أذان المغرب فإذا سمعه الصائم والإناء في يده فلا يضعه بل يفطر فوراً محافظة [ص 378] على تعجيل الفطر وعليه قال الطيبي: دليل الخطاب في أحدكم يشعر بأنه لا يفطر إذا لم يكن الإناء في يده ويأتي أن تعجيل الفطر مسنون مطلقاً لكن هذا مفهوم لقب فلا يعمل به. - (حم د ك عن أبي هريرة) قال الحاكم على شرط مسلم وأقره الذهبي لكن قال في المنار مشكوك في رفعه. 687 - (إذا سمعت الرجل) يعني الإنسان (يقول هلك الناس) ودلت حاله على أنه يقول ذلك إعجاباً بنفسه وتيهاً بعلمه أو عبادته واستصغاراً لشأن الناس وازدراءاً لما هو عليه (فهو أهلكهم) بضم الكاف أشدهم هلاكاً وأحقهم بالهلاك أو أقربهم إليه لذمه الناس وذكره عيوبهم وتكبره وبفتحها فعل ماض أي فهو جعلهم هالكين إلا أنهم هلكوا حقيقة أو فهو أهلكهم لكونه أقنطهم عن رحمة الله وأيأسهم من غفرانه. قال النووي: والمشهور الرفع ويؤيده رواية أبي نعيم فهو من أهلكهم قال الغزالي: إنما قاله لأن هذا القول يدل على أنه مزدر لخلق الله مغتر بالله آمن من مكره غير خائف من سطوته وقهره حيث رأى الناس هالكين ورأى نفسه ناجياً وهو الهالك تحقيقاً لما رأى ذلك ويكفيه شراً احتقار الغير فالخلق يدركون النجاة بتعظيمهم إياه لله فهم متقربون إلى الله بالدنو منه وهو متمقت إلى الله بالتنزه والتباعد منهم كأنه يترفع عن مجالستهم فما أجدره بالهلاك انتهى أما لو قاله تفجعاً وإشفاقاً عليهم فليس محل الذم. - (مالك حم خد م د عن أبي هريرة) ولم يخرجه البخاري. 688 - (إذا سمعت جيرانك) بكسر الجيم أي الصلحاء منهم (يقولون قد أحسنت فقد أحسنت) أي كنت من المحسنين ستراً من الله وتجاوزاً عما عرف من المثني عليه مما انفرد بعلمه لأن العفو من صفاته وإذا تجاوز عمن يستحق العذاب في علمه وحكم بشهادة الشهود كان ذلك منه مغفرة وفضلاً و - (حم ه طب عن ابن مسعود) قال قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم كيف لي أن أعلم إذا أحسنت وإذا أسأت فذكره قال العراقي إسناده جيد (ه عن كلثوم) بضم الكاف وسكون اللام وضم المثلثة ابن علقمة ابن ناجية (الخزاعي) نسبة إلى قبيلة مشهورة قيل له وفادة والأصح لأبيه. ذكره الذهبي كأبي نعيم وقال ابن عبد البر لا يصح له صحبة وحديثه مرسل وقال ابن الأثير الصحيح أن الصحبة لابنيه قال المناوي رجال ابن ماجه رجال الصحيح إلا شيخه محمد بن يحيى فلم يخرج له مسلم ورواه أيضاً البراء وقال الهيتمي ورجاله رجال الصحيح فتحسين المؤلف له فقط تقصير. 689 - (إذا سمعت النداء) أي الأذان فاللام عهدية ويجوز أن يقدر نداء المؤذن (فأجب داعي الله) وهو المؤذن لأنه الداعي لعبادته لقوله الحيعلتين والمراد أن يقول مثله ثم يجئ إلى الجماعة حيث لا عذر فالمراد الإجابة بالقول وبالفعل والسمع محل القوة السامعة من الأذن. - (طب عن كعب بن عجرة) بفتح المهملة (الصواب بضمها) وسكون الجيم: الأنصاري [ص 379] المدني من بني سالم بن عمرو أو غيرهم، شهد الحديبية قال الهيتمي فيه يزيد بن سنان ضعفه أحمد وجمع وقال البخاري مقارب الحديث وقد رمز لحسنه. 690 - (إذا سمعت النداء فأجب) ندباً (وعليك) أي والحالة أن عليك في حال ذهابك (السكينة) أي الوقار أو أخص حتى تبلغ مصلاك (فإن أصبت) أي وجدت (فرجة) تسعك فأنت أحق بها فتقدم إليها ولو بالتخطي لتفريط القوم بإهمالها (وإلا) أي وإن لم تجدها (فلا تضيق على أخيك) المسلم يعني لا تزاحمه فتؤذيه بالتضييق عليه (و) إذا أحرمت (اقرأ ما تسمع أذنك) أي اقرأ سراً بحيث تسمع نفسك (ولا) ترفع صوتك بالقراءة فوق ذلك فإنك بذلك (تؤذ جارك) أي المجاور لك في المصلى (وصل صلاة مودع) بأن تترك القوم وحديثهم بقلبك وترمي بكل شغل دنيوي خلف ظهرك وتقبل على الله بتخشع وتدبر وتستحضر القدوم عليه. - (أبو نصر السجزي) في كتاب (الإبانة) عن أصول الديانة (وابن عساكر) في تاريخه (عن أنس) ورواه أيضاً عنه ابن لال والديلمي باللفظ المذكور، رمز لضعفه وذلك لأن فيه الربيع بن صبيح قال الذهبي ضعيف لكن قال أبو حاتم صدوق. 691 - (إذا سمعتم النداء) أي الأذان لأنه نداء دعاء (فقولوا) ندباً عند الشافعية ووجوباً عند الحنفية ووافقهم ابن وهب المالكي قال في فتح القدير ظاهر الأمر الوجوب إذ لا تظهر قرينة تصرف عنه بل ربما يظهر استنكاراً تركه لأنه يشبه عدم الالتفات إليه والتشاغل عنه وقال الشافعية الصارف عن الوجوب الإجماع على عدم وجوب الأصل وهو الأذان والإقامة وأما زعم أن الصارف قوله في خبر الصحيحين ثم صلوا عليّ ثم سلوا لي الوسيلة وهما مندوبان فالإجابة مندوبة فردّ بأن دلالة الإقتران ضعيفة عند الجمهور (مثل ما يقول المؤذن) لم يقل مثلهما (قال) ليشعر بأنه يجيبه بعد كل كلمة بأن يقول سامعه عقب كل كلمة مثلها فإن لم يجبه حتى فرغ سنّ له التدارك إن قصر الفصل والمراد بالمماثلة المشابهة في مجرد القول لا صفته كرفع الصوت والمراد بما يقول المؤذن ذكر الله والشهادتين إلا الحيعلتين لما في خبر مسلم أن السامع يقول في كل منهما لاحول ولا قوة إلا بالله وإلا التثويب لما في خبر أنه يقول فيه صدقت وبررت وحكمة استثناء الحيلعة أنها دعاء لا ذكر فلو قالها السامع لكان الناس كلهم دعاة فلا يبقى مجيب فحسن من السامع الحوقلة لأن المؤذن لما دعا الناس إلى الحضور أجابوا بأنهم لا يقدرون عليه إلا بعون الله وتأييده: وحكمته استثناء التثويب أنه في معنى الدعاء للصلاة لا ذكر فحسن بأن يجاب بصدقت وبررت. وزعم ابن وضاح أن المؤذن مدرج ورد باتفاق الصحيحين والموطأ عليها قال ابن دقيق العيد: وفيه أن لفظ مثل لا يقتضي المساواة من كل وجه انتهى ولا يخالفه قوله مرة أخرى لفظ مثل يقتضي المساواة من كل وجه إلا من الوجه الذي يقتضي التغاير بين الحقيقتين بحيث يخرجهما عن الوحدة فإن مفهوم الكلام الأول يصدق بالوجه الذي اختلفت فيه الحقيقتان ذكره العراقي. - (مالك) في الموطأ (حم ق 4 عن أبي سعيد) الخدري. 692 - (إذا سمعتم النداء) إلى الصلاة (فقوموا) إلى الصلاة واسعوا إليها (فإنها عزمة من الله) عز وجل أي أمر الله الذي أمرك أن تأتي به: والعزم هو الجد في الأمر ويحتمل أن المراد بالنداء هنا الإقامة أي إذا سمعتم المؤذن يقول [ص 380] قد قامت الصلاة فقوموا. - (حل عن عثمان) بن عفان وفيه أحمد بن يعقوب الترمذي أورده في اللسان عن ذيل الميزان وقال الدارقطني في العلل لا أعرفه ويشبه كونه ضعيفاً والوليد بن سلمة قال الذهبي كذبه دحيم وغيره. 693 - (إذا سمعتم الرعد) أي الصوت الذي يسمع من السحاب قال القاضي كالزمخشري من الارتعاد قال التفتازاني أي أن الرعد من الارتعاد كما أن البرق من البريق ولو قال من الرعدة كان أنسب وقال الطيبي: لم يرد أن أصله منه لأن أصله من الرعدة بل أراد أن فيه معنى الاضطراب والحركة (فاذكروا الله) بأن تقولوا سبحان من يسبح الرعد بحمده أو نحو ذلك من المأثور أو ما في معناه (فإنه) أي الرعد يعني ما ينشأ عنه من المخاوف (لا يصيب) يعني لا يضر (ذاكراً) لله فإن ذكره حص حصين مما يخاف ويحذر بحيث لا يبالي معه بسطوة مخلوق ومن أسرقت أنوار الذكر على قلبه هابه كل مخلوق وخضع له كل مهول ولو أراد قود الجبال فضلاً عن الرعد لانقادت له قال القاضي كالزمخشري والمشهور أن سببه أي الرعد اضطراب أجرام السحاب واصطكاكها كما إذا جذبتها الريح فتصوت عند ذلك وفي القاموس الرعد صوت السحاب أو الملك الذي يسوقه. - (طب عن ابن عباس) قال ابن حجر فيه ضعف وقال الهيتمي فيه يحيى بن كثير أبو النصر وهو ضعيف. 694 - (إذا سمعتم الرعد فسبحوا) أي قولوا سبحان الله وبحمده ونحو ذلك كما تقرر ويظهر أنه لا يقوم مقام التسبيح نحوه كما لا يقوم غير التكبير مقامه في الحريق وقوفاً مع الوارد وللشرع أسرار يختص بعلمها (ولا تكبروا) أي الأولى إيثار التسبيح والحمد هنا لأنه الأنسب الراجي المطر وحصول الغيث وفي خبر ما يفيد أن التسبيح إنما يطلب حال عدم اشتداده فإن المصطفى صلى الله عليه وسلم كان إذا اشتد الرعد قال "اللهم لا تقتلنا بغضبك ولا تهلكنا بعذابك وعافنا قبل ذلك" قال الراغب: أصل التسبيح من السبح وهو سرعة الذهاب في الماء ثم استعير لجري النجوم (د في مراسيله عن عبيد الله بن أبي جعفر) البصري أبي بكر الفقيه مولى بني كنانة قيل اسم أبيه يساف بتحتية فمهملة تابعي ثقة ونقل عن أحمد أنه لينه كان فقيهاً عابداً أخرج له الجماعة. 695 - (إذا سمعتم أصوات الديكة) بكسر ففتح جمع ديك ويجمع قليلاً على أدياك وكثيراً على ديوك (فسلوا الله من فضله) أي زيادة إنعامه عليكم (فإنها رأت) أي الديكة (ملكاً) بفتح اللام نكرة إفادة للتعميم ويحتمل أن المراد الملك الذي في صورة ديك تحت العرش ويبعده تنكير الملك وذلك لأن للدعاء بمحضر من الملائكة مزايا منها أنها تؤمن على الدعاء وتستغفر للداعي وحضورها مظنة تنزيلات الرحمة وفيض غيث النعمة ويستفاد منه طلب الدعاء عند حضور الصالحين وقال سليمان عليه السلام: الديك يقول اذكروا الله يا غافلين (وإذا سمعتم نهيق الحمير) أي أصواتها زاد النسائي ونباح الكلب والمراد سماع واحد مما ذكر (فتعوذوا) ندباً (بالله من الشيطان) بأي صيغة كانت والأولى أعوذ بالله من الشيطان الرجيم (فإنها) أي الحمير والكلاب (رأت شيطاناً) وحضور الشيطان مظنة الوسوسة والطغيان وعصيان الرحمن فناسب التعوذ لدفع ذلك. قال الطيبي: لعل السر فيه أن الديك أقرب الحيوان صوتاً إلى الذاكرين الله لأنها تحفظ غالباً أوقات الصلوات وأنكر الأصوات صوت الحمير فهو أقربها صوتاً إلى من هو أبعد من رحمة الله وفيه أن الله خلق للديكة إدراكاً تدرك به النفوس القديسة كما خلق للكلاب والحمير إدراكاً تدرك به النفوس الشريرة الخبيثة ونزول الرحمة عند حضور الصلحاء والغضب عند حضور أهل المعاصي. [ص 381].
|